العلوم السياسية

إتيان دو لابوَيسي وحديثه عن العبودية

 

إتيان دو لابويَسي (1530 – 1563) كاتب وقاضٍ فرنسي، كتب مقالة طويلة بعنوان “العبودية المختارة” بعمر السادسة عشر أو الثامنة عشر، ولم تنشر إلا عندما توفي بعمر الثاني والثلاثين. نشرها صديقه في كتاب يحمل عنوان المقالة.

يرى (إتيان دو لابويَسي) أن السبب الأول لقبول الناس بالعبودية طواعيةً هو أنهم يولدون مستعبدين وينشأون على ذلك.

إن طبيعة الإنسان أن يكون حرًا، وأن يرغب في أن يكون حرًا، غير أن من طبيعته أيضًا أن يتطبع بما تربّى عليه. من أجل ذلك كانت العادة هي السبب الأول للعبودية المختارة.

يذكر (دو لابويسَي) في مقالته أن ضعف البشر وخدمتهم للطاغية من جملة الأسباب أيضًا، يقول:

إن نقطة الضعف فينا، نحن البشر، هي أنه يتوجب علينا في معظم الأحيان أن نخضع للقوة، وأن نُسّوف، وأننا لا نستطيع أن نكون الأقوياء دائمًا.

ويقول آيضًا:

الشعوب هي التي تُسلس القياد لمضطهدها لأنها لو كفت عن خدمته لضمنت خلاصها.

ويتابع:

إن الشعب هو الذي يَسْترق نفسه بنفسه، وهو الذي يذبح نفسه بيده إذ لمّا كان يملك الخيار بين أن يكون عبدًا أو يكون حرًا، تخلى عن حريته ووضع القيد في عُنقه، إرضاء للطاغية. إن الشعب هو الذي رضى ببؤسه، لا بل يسعى وراءه.

ويشرح كيف يكون الانغماس في الفن والترفيه سببًا في سقوط الشعوب في فخ العبودية:

إن المسارح، والألعاب، والمساخر، والمشاهد، والبهائم الغريبة، والأوسمة، واللوحات والأشياء الأخرى من هذا القبيل كانت أشكالاً من الطعوم لإبقاء الشعوب القديمة في فخ العبودية، وثمن حريتها، وأدوات الطغيان. وكان الطغاة القدامى يمتلكون هذه الوسيلة، وهذه الممارسة، وهذه المغريات، لتنويم رعاياهم تحت النير، وكانت الشعوب المخبّلة، وقد أعجبتها هذه التسالي، واستمتعت بلذة تافهة تمرّر أمام أعينها تألف الخدمة بسذاجة الأطفال الذين تبهرهم الكتب المصورة فيحاولون قراءة أحرفها ولكن على نحو أسوأ.

ويرى أن الحرية فطرة إنسانية في البشر وهي من أعظم حقوقه لذا يضحي الإنسان من أجلها بأغلى مايملك في سبيل كسر أغلال الاستعباد، يقول:

الناس جميعًا، مادام لديهم شيء من الإنسان لا يستسلمون للعبودية على وجه التحقيق إلا في حالة من اثنتين: إما أن يكونوا مُكرهين وإما مخدوعين.

وفي موضع آخر، يقول:

البعض لو اضمحلّت الحرية عن وجه الأرض ولم يبق منها أثر لتخيّلوها وأحسّوا بها في عقولهم، والتذوا بتذوقها، ولما استساغوا طعم العبودية مهما زُيّنت لهم.

زر الذهاب إلى الأعلى