الإنتاج الفني والسردي

باتريشيا بيسين: هل تخاف من الفن؟ اتبعني

باتريشيا بيسين، خريجة الأكاديمية الأمريكية للفنون، ومعهد التكاملية الغذائية على حد سواء. من الناحية المهنية، يمكن وصفها بأنها كاتبة، مدربة صحة وفنانة. في مصطلحات “غير مهنية”، تقول بأنها يمكن أن توصف بأنه أسعد شاربة قهوة، مدافعة عن جمال اللون البرتقالي، محبة لقنديل البحر وغيرها من الكائنات الأثيرية.

في تاريخ 23 أغسطس من عام 2016، كتبت (باتريشيا) مقالة بعنوان “هل تخاف من الفن؟ اتبعني”، نترجمها لكم حصريًا.تقول في مقالتها:

 

أكتب هذه السطور لتكريم الفنانين الصغار الذين يحتاجون في الوقت الحاضر لبعض التشجيع. وبلا شك، أنا واحدة منهم.

عليّ أن أقول، أنني كلما انغمست في لعبة الفن أكثر، كلما قدّرت حقيقة وجوده للأبد. أحترم صانع الفن، ذلك الفنان الذي أمتلك قلبه ووضعه هناك بشجاعة. ربما كان لهذا الفنان وظيفة تستغل أغلب يومه، وظيفة بساعات عمل ممتدة ,سيتحمل ذلك, وفقط ليوفر المواد والأدوات اللازمة لصنع فنه.

“لا تخف سترى السماء ممتدة مثل قبعة من حرير شفّاف.. سترى الأرض مثل كائن من عراء”

إذا قمت بمحاولة صنع أي نوع من الفن، ستحبه. ستقدر القماشة البيضاء، الصفحة الفارغة، وحتى المجال الجوي داخل كل لوحة. أن تصنع وتضع شيئا في فراغ الفراغ، وإن كان فاتناً أم لا؟ ..لن يهم، فالفن عرض مستمر. إذا كنت ترغب أن تكون فناناً، فأنت لن تضر أحد (لن تضر نفسك) لن يكون هناك آثار جانبية للفن. مثل الأفراط في الشرب مثلاً، أو تناول جرعة زائدة من المخدرات.

“الفن هو مظاهرة سلمية أيها الفنان، سواءً تم ذلك في حجرتك أو في الأستوديو الخاص بك أو أمام جمهور كبير..”

أحيي الفنانين الذين يمكن أن يبدؤوا  كل مرة من جديد. الحياة تبزغ لك أحيانا من الطريق؛ من رعاية الاطفال، من زبائن عملك، من عملاء الشركات، من عصرك الحديث أينما وجدت وكنت.. تلك البداية والمحاولة كل مرة هي بمثابة ذلك الصغر. قال (بيكاسو) ذات مرة: “كل طفل هو فنان، المشكلة هي كيف أن يحافظ على الفنان بداخله بمجرد أن يكبر.”

ستواجهك بعد ذلك فوضاك- الذاتية. لا أعرف ما إذا كنت مثلي، حيث وضعت الكثير من الضغوط على رغبتي في الإنتاج. أريد أن أكون كآلة روبوت، أصنع الفن بكميات هائلة ومذهلة،  فقط أعمال مذهلة وباستمرار…هل يمكن ذلك؟

عزيزي الفنان، أهتف لك لأنك لم تُقدّر وتُحترم بعد. في بعض دول العالم، ينظرون للفنان كشيء عظيم. ولكن  علينا أن نجد التقدير من داخلنا من داخل مدننا وبيئتنا وبيوتنا. لكل أولئك الذين يمكن أن يخفوك تذكر هذه المقولة لـ(دينوس):

“فعلت كل شيء لتدفني.. ولكنك نسيت أنني بذرة..”

كونك فنان حاول أن تتغلب على الأشياء العديدة والتي ليس لها علاقة بالفن، أنت الفنان وأنت تمشي وتنظر و تُلقي القمامة. أنت الفنان الذي يرد على هواتف العمل المزعجة. سيظل الفنان داخلك حتى وأنت تبعث برسالة خاصة بالمال والأعمال.. أنت دائماً فنان.

ولذلك بالنسبة لأولئك الفنانين منا والذين يمكن أن يستمروا غير مشهورين. أولئك الذي سيتساءلون لماذا الفن على الإطلاق؟ ممارسة الفن ستكون لأسباب بشرية  صادقة، لأننا نستطيع. وبالتأكيد سننجح بعد يوم عملي متعب وشاق كجزء صغير من الجحيم .ستتمكن من ممارسة أيّ فعل فني في نهاية أي يوم منهك, معتاد وممل . وكما لو أنك تتحفز لممارسة الرياضة. الدقائق القليلة الأولى ستكون حقاً صعبة ، ومن ثم ستصبح ممتعة، وبعد ذلك تقريباً لن تريد أن تتوقف.

حدق جيداً  في هذه المقولة لـ(داميان هيرست): “أن تكون فناناً لا يعني الشهرة أبداً. أنه يعني الفن.. وفقط . والذي هو كل شيء غير مادي. غير مُدرك ولكنه يتحول ليحمل الكثير من النزاهة، والأمانة. في حين يمكن أن تكون الشهرة عكس ذلك. ولكن أعتقد أن عليك أن تعترف أنك تريد أن تصبح مشهور، وإلاّ لا يمكن أن تكون فناناً. الفن والشهرة معاً مثل الرغبة في العيش إلى الأبد”.

نحتاج كفانين للانضباط أكثر مما يتوقعه الجمهور منّا. الجمهور يرانا كما الأرواح الحرة التي تعيش وتمضي بصورة عشوائية، ولكن عليك أن تعرف أن  بعض الفنانين الأغزر إنتاجاً وأبداعاً كانوا  الأكثر استقامة على الأطلاق بخصوص الوقت على الأقل. بالنسبة لتلك الذوات المبدعة والمخصصة للفن والحرفة: الوقت هو الوقت والذي يجب أن يُنفق بأبداع أيضاً.

عزيزي الفنان، لا تنسى أنك إنسان طبيعي أيضاً، ولم تكن أبداً قادراً على صنع فنك بمفردك. أنت إنسان طبيعي وتحتاج للطبيعة. لذلك أسمح للبحر، والجبال، والمحيطات، والزهور حتى ترسل تغذيتها نحوك. ولا تنسى ما صنعه البشر أيضاً، أستمتع بقراءة  الكتب الجيدة، بسماع الموسيقى الملهمة، أستمتع بالفن. وشجع الآخرين.

أيها الفنان تنصتك الدائم داخل قوة شخصيتك لا يعني رحلة نحو الأنا المفردة. تنصتك يعني أن تستفيد من قوتك وقوة الأدلة الخاصة بك، أن تستخدم نفوس أجدادك القدامى، وكل ما يشكل روحك حول البشرية أجمع.

أن تستخدم إلهامك: يعني أن ترى من كان قبلك .. أن ترى روحك بينهم، وتكمل الفن.


[المصدر]

زر الذهاب إلى الأعلى