مواضيع عامة، ونصوص مهمة

رسالة ميساك مانوشيان الأخيرة

99329-660x330

كاتب هذه الرسالة هو (ميساك مانوشيان) (1906-1944) شاعر ومناضل فرنسي من أصل أرمني، انتقل من دار أيتام في لبنان إلى فرنسا، وأصبح عضوا ناشطًا في صفوف الحركة الشيوعية الفرنسية المناوئة للنازية. أعدمه النازيّون رميا بالرصاص لمشاركته في أعمال المقاومة عام 1944م. يعد اليوم في فرنسا أحد أشهر أبطال المقاومة الفرنسية.

وقد تُرجمت هذه الرسالة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، حصريًا لدى ساقية. يقول في رسالته:

عزيزتي ميليني.. فتاتي اليتيمة والتي أحب،

بعد ساعات قليلة، لن أعود موجودًا في هذا العالم، سيعدمونني هذه الظهيرة عند الساعة الثالثة. أشعر كما لو أنه حادث لا أستطيع تصديقه، ولكنني أعلم الآن أنني لن أستطيع رؤيتك مجددًا، وللأبد.

ماذا يمكنني أن أكتب لك؟ أشعر بتخبط ما أريد قوله، وفي ذات الوقت أشعر أنني أعلمه بوضوح.

التحقتُ كجنديّ متطوع بقوات التحرير، وها أنا الآن أموت على بعد خطوات من النصر وبلوغ الهدف. لكل هؤلاء الذين سيحيون من بعدنا، لكل الذين سيذوقون غدًا حلاوة الحرية والسلام، أتمنى لكم السعادة. إنني على يقين بأن الشعب الفرنسي وكل المقاتلين من أجل الحرية سيتذكروننا بشرف وافتخار. أود أن أعلن الآن، وأنا على حافة الموت، أنني لم أبغض الشعب الألماني أبدا، ولم أكن أبغض الذي هم عليه، فكل منّا سيحصل على مايستحقه من ثواب أو عقاب.

بعد هذه الحرب التي لن تستمر طويلا، سيعيش الشعب الألماني وبقية الشعوب الأخرى في وحدة وسلام، كم أتمنى لهم السعادة. وأكثر ما أندم وآسفُ عليه، هو أنني لم أستطع إسعادك. كم تمنيتُ، كما رغبتِ أنتِ دائمًا، أن يكون لي طفل منك. لذا أود منك أن تتزوجي بعدي الشخص الذي يقدر على إسعادك. سأترك كل ممتلكاتي وأعمالي في حوزتك أنت وأختك وأبناء أخي وأختي. وبما أنني سأموت كجندي نظامي في قوات التحرير الفرنسية، يمكنك بعد الحرب أن تطالبي بحقك في معاش الحرب بصفتك زوجةً لي. يمكنك أيضا بمساعدة أصدقائي –الذين سيرغبون في تكريمي- أن تتولي أمر قصائدي ونصوصي، وتعديلها ونشر ماترين أنه يستحق أن يُقرأ. حاولي قدر استطاعتك أن توصلي مذكراتي لوالديّ في أرمينيا.

سأموت الآن، مع ثلاث وعشرين جنديًا من رفاقي. سأموت بشجاعة، وبسلام ضمير مرتاح، لأنني أعلم أني لم أتعمد أذية أحد، وإن كنت فعلت، فقد كانت دون بغض ولا رغبة حقيقية بالأذية.

أنظر الآن إلى السماء، وسطوع الشمس، والطبيعة التي لطالما أحببتها، في مشهد أخير أودع به الحياة وأودعكم جميعا به، زوجتي الحبيبة وأصدقائي الأعزاء.

إنني أغفر لكل الذين أساؤوا إلي، وكل الذين كانوا يرغبون أن يسيئوا إليّ، عدا ذلك الذي خاننا لأجل أن ينفذ بجلده، وأولئك الذين باعونا للموت.

قبلاتي الحارة لك أنت وأختك، وكل أصدقائي الذين عرفتهم من قريب أو بعيد. سأحملكم دائما في قلبي.

الوداع.

صديقك، ورفيقك، وزوجـك،

ميساك مانوشيان.

[المصدر]

زر الذهاب إلى الأعلى