آليات الكتابة، ونصائح في التعبير

عن القراءة والكتابة، من ديوان نيتشه

نيتشه

فريدريش فيلهيلم نيتشه (1844-1900) فيلسوف وشاعر ألماني. كان لعمله تأثير عميق على الفلسفة الغربية وتاريخ الفكر الحديث. وكان من أبرز الممهّدين لعلم النفس وكان عالم لغويات متميزًا. كتب نصوصًا وكتبًا نقدية حول المبادئ الأخلاقية والنفعية والفلسفة المعاصرة المادية منها والمثالية الألمانية. وكتب عن الرومانسية الألمانية والحداثة أيضًا، بلغة ألمانية بارعة. يُعدّ من بين الفلاسفة الأكثر شيوعًا وتداولًا بين القراء، وللاستزادة في مقالات نيتشه، هنا (التحولات الثلاث للعقل)، (الفن والجمال عند نيتشه)، (تساؤل نيتشه حقيقة نتائج البحث العلمي والفلسفي). أما في كتابه (ديوان نيتشه) والذي نقله الأستاذ (محمد بن صالح) إلى اللغة العربية، كتب (نيتشه) في فصل بعنوان أسماه “القراءة والكتابة”، فقال:

مِن كل ما كُتب، لا أحب إلا ما كتبه المرء بدمه. اكتب بدمك؛ وستعرف أن الدم روح.

ليس سهلًا أن يفهم المرء دمًا غريبًا؛ إنني أكره القراء التافهين.

الذي يعرف القارئ، لا ينفعه في شيء. قرنٌ آخر من القراء، ويتعفن الفكر ذاته.

إذا أعطيَ الحق في تعلم القراءة لكل إنسان، فإن هذا سيُفسده، مع الوقت، لا الكتابة فحسب، ولكنه سيُفسد الفكر أيضًا.

قديمًا كان الفكر إلهًا، ثم إنسانًا، وها هو الآن رعاع.

إن من يكتب بحروف من الدم، وفي أمثالٍ لا يريد أن يُقرأ، بل أن يُحفظ عن ظهر قلب.

على الجبال، الطريق الأقصر تجري من قمة إلى أخرى؛ إنما لكي نأخذ لا بد لك من رجلين جيدتين. على الأمثال أن تكون قممًا، وعلى الذين نتكلم إليهم أن يكونوا عظماء وجبابرة.

الهواء العليل والصافي، والخطر المحدق، والفكر الممتلئ بالأذى المغبط؛ هذا ما يوافق بعضه بعضًا.

أريد أن تحيط بي أقزام حارسة الكنوز، لأنني شجاع.

الشجاعة التي تطرد الأشباح تخلق بذاتها أقزامها؛ الشجاعة ترغب في الضحك.

ما عدت على ود معكم؛ هذا السحاب الذي أراه تحتي، هذا الاسوداد وهذه الكثافة التي فيها أضحك، هي بالضحك غمامتكم العاصفة.

تنظرون إلى الأعلى حين تريدون القيام، أنا انظر إلى الأسفل لأنني علوت.

من منكم قادر، في الوقت ذاته، على الضحك وعلى التعالي؟

من يصعد أعلى الجبال يسخر من مسرح الحياة وجديتها.

غير عابثين، ساخرين، عنيفين، هكذا تُريدنا الحكمة؛ إنها امرأة وهي لا تقدر أن تحب إلا المحارب.

تقولون لي: “الحياة عِمل ثقيل”، ولكن لم جعلتم الصباح غروركم، والمساء خضوعكم؟

الحياة حمل ثقيل؛ لا تفرطوا في الرقة! فنحن جميعًا أحمرة وأُتن محمّلة كما يجب.

ماذا لنا من مشترك مع برعم الوردة إذ يرتجف لأن قطرة ندى عليه قد وقعت.

الحق؛ إننا نحب الحياة، لأننا متعودون، لا على الحياة، ولكن على الحب.

يوجد في الحب دومًا شيء من الجنون، ولكن يوجد في الجنون دومًا شيء من العقل.

حتى أنا، أنا مندفع إلى الحياة، أجد أن الفراشات، وكرات الصابون، وما يشبهها من الناس، هي التي تعرف السعادة أفضل.

إن رؤية هذه الكائنات الصغيرة والخفيفة والمجنونة واللطيفة والمتنقلة تعطي لـ(زرادشت) الرغبة في البكاء وفي الغناء.

[…]

لا يُقتل المرء عن غضب، وإنما عن ضحك يُقتل، لنقتل معًا روح الثقالة.

تعلمت المشي؛ مذاك صرت أسمح لنفسي بالركض.

تعلمت الطيران؛ مذاك ما عدت أنتظر أن يُدفع بي لأغير مكاني.

إنني الآن خفيف، الآن أحلق، الآن أراني فوق ذاتي، الآن إله في داخلي يرقص.

هكذا تكلم (زرادشت).

أحمد بادغيش

مدوّن، مهتم بالأدب والفلسفة والفنون.
زر الذهاب إلى الأعلى