آليات الكتابة، ونصائح في التعبير

لعبة الكتابة عند علي حرب

يعد د. علي حرب كاتباً لبنانياً ومفكراً علمانياً، له العديد من المؤلفات منها كتاب نقد النص، وهكذا أقرأ: ما بعد التفكيك ويعرف عنه أسلوبه الكتابي الرشيق وحلاوة العبارة. كما أنه شديد التأثر بجاك دريدا وخاصة في مذهبه في التفكيك. وهو يقف موقفاً معادياً من المنطق الصوري القائم على الكليّات العقليّة التي يعتبرها علي حرب موجودات في الخارج وليست أدوات وآليات فكرية مجردة للنظر والفكر. فهو يتبع منهج كانط في نقد العقل وآلياته وبنيته الفكرية. من المقالات التي كتبت عن د. علي حرب مقالة الهويات والعولمة عند د. علي حرب على موقع ساقية.

كتب د. علي في خاتمة كتابه نقد الحقيقة حواراً انطلق من أسئلة طرحها عليه حسين نصر الله مندوب مجلة الكفاح العربي، واقتبست منه ما تكلّم فيه عن طريقته في الكتابة.

ففي سؤاله عن دواعي الكتابة لديه قال :

الكتابة هواية أمارسها ، أستمتع بها. طبعاً عليّ أن أتقن هذه الهواية بل اللعبة. عليّ أن أمارس اللعب حسب قواعد أو بابتكار قواعد جديدة. المهم أن ألعب، أنا أملك أوراقي، أي عدتي المعرفيّة و اللغوية، فضلاً عن خططي و سعيي الدائم إلى تحديث أدواتي ، أسلحتي ، كل ما من شأنه أن يتيح لي أن أكون فاعلاً و منتجاً أو مبدعاً في كتاباتي و أعمالي.

وفي سياقه لدواعي الكتابة قال:

 … إني أكتب لكي أعبّر عن خبرتي ، معايشاتي. ، خبرتي ليست كخبرة العالم في مختبره، أي لا يمكن صوغها ، تعميمها على الناس على شكل معلومة أو نظرية.انها تجربة فريدة لا يمكن نقلها او تكرارها، بل يمكن فحصها ، اختبارها أو قراءتها واستنطاقها.

أمّا عن هدف الكاتب بالنسبة له:

… إنه يخفي دوماً مطلوبه الأول الذي هو اجتذاب القارئ. و جره إليه بإيقاعه في شباكه الدلالية أو فخاخه المفهومية. الكاتب يطلب طريدة يريد اقتناصها. أما الهم المعرفي التنويري فيأتي بعد ذلك. ولهذا على القارئ أن يكشف اللعبة بالاطلاع على الأوراق التي يخفيها الكاتب.

و عمّا لو كان ينسف مفهوم الكتابة في رأيه هذا قال:

 المفهوم الذي أحاول بسطه للقارئ أن يسترجع مبادرته أو أن يمارس فعاليّته. إنه مفهوم يتطلب قارئاً يلتفت إلى ذلك الشيء الذي يخفيه الكاتب فيما هو يكتب و الذي منه يستمد سلطته أو أثره. آن لنا أن نعترف بهذه الحقيقة، و هي أن الكتابة، أياً كانت مجالاتها ليست هماً معرفياً تنويرياً بقدر ماهي ممارسة سلطوية على القارئ.

 إنها استراتيجية متعددة يتداخل فيها المعرفي، السلطوي و العشقي و العصبوي و الجمالي … و إذا شئت مقاربة أخرى أقول إنها نوع من العرض نعرضه على القارئ. فنحن نشبه التجار من هذه الناحية، أي أننا نقدم للقرّاء عروضاً جديدة هي عبارة عن “المستجدات“ من الأساليب و الأفكار أو النظريات… ففي كلا الحالين ثمة نظام للعرض. والفرق بين كاتب وآخر، هو في قوّة النظام أو في جمال العروض. ولا تعجب لهذه الاستعارة. فلكل محدث جذر قديم. فالمناطقة العرب قالوا بأن العلم بحث عن العوارض الذاتية، وليست العوارض سوى ما نعرضه بعلمنا على الأشياء.

هاجر العبيد

مشرفة نادي القراءة بطيبة، عضو مؤسس لنادي قبَس الثقافي بجامعة طيبة، مهتمّة بالعلوم الإنسانيّة و التَاريخ و الأديان.
زر الذهاب إلى الأعلى