آليات الكتابة، ونصائح في التعبير

أمبيرتو إيكو: أنا كاتب، ولست قارئًا

 

أمبيرتو إيكو

أمبيرتو إيكو (1932-2016)، فيلسوف إيطالي، وروائي وباحث في القرون الوسطى، ويُعرف بروايته الشهيرة (اسم الوردة)، ومقالاته العديدة. وهو أحد أهم النقاد الدلاليين في العالم.

في كتاب جديد عن مستقبل الأدب، وهو (هذه ليست نهاية الكتاب)، يعترف الكاتبان (أمبيرتو إيكو) و(جان كلود كاريير) بأنهما ليسا قارئين جيدين كما قد نتوقع.

يقول (أمبيرتو إيكو):

هناك كتب فى العالم أكثر من عدد الساعات المتوفرة لقرائتها. ونحن نتأثر بعمق بكتب لم نقرأها، وليس لدينا الوقت لقرائتها. من الذى قرأ حقا (يقظة فينيجان)؟ أعنى من البداية للنهاية؟ من الذى قرأ الكتاب المقدس جيدًا؟ من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا؟

ولكني لديّ فكرة فيها بعض الدقة عما لم أقرأه. عليّ أن أعترف أننى قرأت (الحرب والسلام) عندما كنت فى الأربعين. ولكني كنت أعرف الأساسيات من قبل ذلك. لم أقرأ (المهابهارتا) رغم أننى أملك ثلاث نسخ بثلاث لغات مختلفة. من الذى قرأ حقا (الكاما سوترا)؟ رغم أن الكل يتحدث عنه؟ والبعض يمارس ما جاء فيه. نرى أن العالم ممتلئ بالكتب التى لم نقرأها ولكننا نعرفها جيدا.

وأخيرا عندما تبدأ فى قراءة مثل هذه الكتب فسوف تجدها مألوفة بالفعل. كيف هذا؟ أولا: هناك هذا التفسير الغامض عن هذه الموجات التى تنتقل من الكتاب إليك، هذا الرأى الذى لا أعتنقه. ثانيا: ربما ليس من المؤكد أنك لم تفتح هذا الكتاب أبدا؛ طوال سنوات كنت مضطرا لأن تنقله من مكان لمكان، فربما تكون قد ألقيت نظرة عليه ونسيت أنك فعلت ذلك. ثالثا: طوال سنوات قرأت العديد من الكتب التى ذكرت هذا الكتاب مما يجعله مألوفا.

يقول (كاريير):

هناك كتب على أرفف مكتباتنا لم نقرأها وبلا شك فلن نقرأها. كل منا ربما يضع فى اعتقاده أنه سيقرأها لاحقا؛ ربما فى حياة أخرى. بؤس المحتضر يكون شديدا عندما يعرف أنه يقضي الساعة الأخيرة فى حياته ولا يزال لم يقرأ (بروست).

يرد (إيكو) قائلًا:

عندما يسألنى الناس إن كنت قرأت هذا الكتاب أو ذاك، فأنا أجد أن الإجابة الآمنة هى: “أتعرف؟ أنا لا أقرأ وإنما أكتب”. هذا يخرسهم. على الرغم من أن هذا السؤال يقال لك دوما؛ “هل قرأت رواية (سوق التفاهات) لثاكرى؟” استسلمت وحاولت قراءتها فى ثلاث مناسبات مختلفة ولكنى وجدتها كئيبة جدا.

(المصدر)

أحمد بادغيش

مدوّن، مهتم بالأدب والفلسفة والفنون.
زر الذهاب إلى الأعلى